الركن المادى في جرائم الاعتداء على البيئة
Page 1 of 1
الركن المادى في جرائم الاعتداء على البيئة
تقديم
من المسلم به أنه لا سلطان للقانون علي ما يدور في ضمائر الأفراد أو يبيتونه من نيات طالما أنها لم تبرز إلي العالم الخارجي بأفعال تترجم عنها ، ولهذا كان لكل جريمة بالضرورة ركن مادي يتمثل في فعل أي واقعة خارجية تدركها الحواس وتسند إلي الجاني من الناحية المادية ، ويشــتمل هذا الركن المادي علي عناصر أساسية ، الأول هو السلوك الإجرامي ( سواء كان سلوكاً إيجابياً أو سلبياً ) والثاني هو النتيجة الإجرامية ، والثالث هو صلة السببية بينهما [1].
المطلب الأول
(السلوك الإجرامي)
السلوك بالمعني الفلسفي هو كل نشاط يأتيه الفرد ، فهو بهذا يستوعب المقاصد والأفكار والرغبات والحركات والسكنات ، بيد أنه في القانون لا عبرة إلا بالنشاط الذي يظهر إلي العالم الخارجي ، إذ لا تثريب علي الأفكار المستترة في النفس [2] .
أما السلوك المؤثم قانوناً فيتخذ إحدي صورتين ، الأولي شائعة غالبة وتستوعب السواد الأعظم من الجرائم وهي الفعل الإيجابي ، والثانية غير شائعة وإن كانت قائمة بنص القانون علي عديد من أشكالها وهي ما يعرف بالامتناع أو الفعل السلبي [3].
إلقاء النفايات من أهم الجرائم ضد البيئة
ويكاد ينحصر الفعل المادي في الجرائم المرتكبة ضد البيئة في فعل التلويث أياً كان شكله أو مصدره سواء وقع علي عنصر من عناصر البيئة الحيوية أو غير الحيوية ، وقد اهتمت تشريعات كل الدول في الحد من هذا الفعل وما ينجم عنه من آثار ممتدة سريعة الانتشار ، وفي هذا الشأن ولاعتبارات تتعلق بالمصلحة الجماعية المعنية بالتجريم ليشمل أفعال الخطر الملموس والخطر المجرد باعتبار أن الاعتداء علي البيئة يمثل اعتداء علي حق من الحقوق الأساسية الإنسانية [4].
الأنشطة الصناعية تسبب التلوث
ولما كان التلويث في مفهومه الشامل هو كل تغيير في الصفات الطبيعية أو الكيميائية أو البيولوجية للوسط البيئي المحيط بما يسبب تأثيرات ضارة أو خطرة علي الحياة البشرية في عناصرها وموجوداتها وأنشطتها ، فإنه يتمثل في غالبيته العظمي في الأفعال الإيجابية أو في صور النشاط المادي الإيجابي الصادر عن الإنسان أو من أنشطة المنشآت والمؤسسات الصناعية ، وتشمل تلك الأفعال الملوثة كل عناصر البيئة من ماء وهواء وأرض ، بيد أنه يمكن أيضا ً تصور فعل التلويث من خلال سلوك إجرامي سلبي يتحقق بالامتناع عن القيام بدور ما من أجل منع التلوث عندما يكون هناك واجب يفرضه القانون ينبغي أداؤه من أجل منع هذا التلوث [5].
الفرع الأول
السلوك الإيجابي
الفعل الإيجابي كيان مادي ملموس ، يتمثل فيما يصدر عن مرتكبه من حركات لأعضاء جسمه ابتغاء تحقيق آثار مادية معينة ، وهذا ما يميز الفعل عن الامتناع ، فالأخير هو إحجام عن الحركة حيث كان يتعين علي الشخص إتيانها ، والفعل لا يرقي إلي مرتبة السلوك المكون للركن المادي إلا إذا كان إرادياً ، ويمكن القول أن ثمة صلة سببية بين الإرادة و الحركة العضوية ، فالأولي سبب الثانية ، وإذا انتفت هذه الصلة بين الإرادة والحركة العضـــوية ، قيل أن الحــــركة العضـــوية غير إراديــــة ، ويترتب علي ذلك انتفــاء الجريمة قانوناً وامتنــــاع المسئولية الجنائية لمن صدرت منه هذه الحركة غير الإرادية ولو أفضت إلي حدوث النتيجة المحظورة قانوناً [6].
وينحصر السلوك المادي في أحد أنشطة الشخص الطبيعي أو المعنوي ، وبالتالي تستبعد من دائرة السلوكيات أفعال الطبيعة الأخري ، كالزلازل والبراكين والفيضانات علي الرغم مما تسببه من أضرار ، فهي وغيرها من الكوارث الطبيعية الأخري ضحايا بلا جرائم ، تتحمل الدولة تعويضهم في حدود التزاماتها.
التخلص من النفايات في البحر
فعلي سبيل المثال ، يتركز السلوك الإيجابي لتلويث المياه في إلقاء المخلفات في البحار والأنهار والشواطئ ومجاري المياه ، فتلويث البحر الإقليمي والشواطئ يتم عن طريق إلقاء مخلفات السفن وخاصة تلك التي تعمل في مجال نقل المواد البترولية حيث تجرمه نصـــــــوص القانون المختلفة ، بل أن التجريم يشمل الإلقاء ولو كان خارج إطار المجري المائي كما لو تم في عرض البحر أو بالقرب من المياه الإقليمية بصورة تسمح بوصول هذه المخلفات إلي المياه أو الشواطئ وتلويثها ، ولا يشترط أن يتم الإلقاء في عين المحل القانوني محل الاعتبار بالمصلحة القانونية ، كالبحر الإقليمي أو المنطقة الاقتصادية الخالصة أو غيرها ، بل يتصــــــور أن يكون في إحدي القنوات الفرعيــــة أو الأنابيب الممتدة أو العابرة لتلك المجاري المائية أومصادر المياه [7].
ومن الممكن أن يتصور وقوع هذا السلوك من أية سفينة أيا كانت جنسيتها ما دامت قد ارتكبت في الإقليم المصري .
تلوث البيئة الهوائية يؤثر على الصحة العامة
وفي جرائم تلويث الهواء الجوي يتمثل السلوك الإيجابي في صورة انبعاث ملوثات الهواء ، سواء كانت هذه الملوثات من المواد المشعة (مادة 47 من القانون 4 لسنة 1994) أو كانت شوائب غازية أو أو صلبة أو سائلة ينشأ عنها إضرار بالصحة العامة (مادة 35) ، أو ما إلي ذلك مما يمكن أن يسبب تلوثا في البيئة الهوائية ، ولا يشترط أن يتحقق الانبعاث بوسيلة ما أو بكيفية محددة ، فقد يتم بسبب إشعال النيران في مواد معينة أو بسبب ترك مواد عضوية سريعة التبخر ، وكذلك المذيبات والأحماض في العراء ، أو بسبب تشغيل الماكينات والآلات واحتراق الطاقة كعوادم السيارات أو عن طريق إلقاء المخلفات أو القمامة أو غيرها أو معالجتــــها أو حرقـــها وما شـــابه ذلك وهي جميـــعاً أفعال إيجابية تتحقـق بنشاط مادي إيجـــابي صــادر عن الجاني [8].
التربة
أما في جرائم تلوث التربة فالسلوك الإجرامي في معظم الجرائم يتمثل في صورة إيجابية تتم عن طريق طرح أو التخلص من النفايات دون مراعاة للضوابط والشروط المقررة في القانون ، كما قد يتم التخلص من تلك النفايات بتخزينها أو تركها أو دفنها أو ما شابه ذلك من العمليات وهذه الأفعال حسبما يبين أفعال إيجابية [9].
الفرع الثاني
السلوك السلبي ( الامتناع )
علي الرغم من أن القانون لا يعتد في قيام الجريمه الإيجابية إلا بتحقق واقعة معينة ينهي عنها ولا يقيم وزناً لصــــــــورة السلوك الذي يحقق هذه الواقعة ، فقد اختلف الفقه فيما إذا كانت الجريمة الإيجابية تتطلب عملاً إيجابياً من جانب الجاني أم أنها يمكن أيضاً أن تقع بسلوك سلبي أي عن طريق الامتناع [10].
و الامتناع هو إحجام شخص عن إتيان فعل إيجابي معين كان الشارع ينتظره منه في ظروف معينة بشرط أن يوجد واجب قانوني يلزمه بهذا الفعل ، وأن يكون في استطاعــــة الممتنع عنه إتيانه وعلي ذلك فالامتناع ليس عدماً أو فراغاً إنما هو كيـان قانوني له وجوده وعناصره التي يقوم عليها ، وإن كان الامتناع من الناحية الماديه ظاهرة سلبية فهو من الوجهة القانونية ظاهرة إيجابية ، أي أنه موجود قانوني له كيانه [11].
وعلي هذا الأساس لايتردد الفقه في إعطاء الإمتناع حكم الفعل في كل جريمة يتصور أن تقع بالإمتناع لأن كل من الفعل والامتناع سلوك يستطيع الإنسان أن يتوسل به في إحداث النتيجه ، أي يستطيع أن يكون سبباً للنتيجه ، ومصدراً للخطأ فيها [12].
وتحتل جرائم الامتناع في منظومة جرائم تلويث البيئة مكاناً بارزاً ، ذلك أن مقتضيات حماية البيئة تفرض التوسع في فرض التزامات علي الأفراد والمنشآت بالقيام بأفعال معينة أو اتخاذ احتياطات محددة أو مراعاة مواصفات فنية خاصة يتطلبها تحقيق هذه الحماية [13].
ومن استقراء القوانين البيئية ، يبين لنا حرص الشارع علي تضمينها لنصوص تأمر بإتيان أفعال يري ضرورة القيام بها حماية للبيئة من التلوث ، وبالتالي يشكل الإحجام عن إتيانـــــها سلوكاً إجرامياً معاقباً عليه بمقتضي تلك النصوص ، وفي هذه الحالة يعاقب علي مجرد الامتناع دون اشتراط تحقق نتيجة معينة تحدث تغييراً في العالم الخارجي كأثر للنشاط الإجرامي وتمثل جرائم الامتناع في القانون المصري مكانة هامة في تلك المنظومة ، سواء نتج عنها ضرر ما أوكان من شأنها أن تحدث هذا الضرر [14].
فمثلاً نجد المادة 33 من القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة تجري علي أن " علي القائمين علي إنتاج أو تداول المواد الخطرة سواء كانت في حالتها السائلة أو الغازية أو الصلبة أن يتخذوا جميع الاحتياطات بما يضمن عدم حدوث أي أضرار بالغة وعلي صاحب المنشأة التي ينتج عن نشاطها مخلفات خطرة طبقاً لأحكام هذا القانون الاحتفاظ بسجل هذه المخلفات وكيفية التخلص منها وكذلك الجهات المتعاقد معها لتسلم هذه المخلفات ..إلخ ." ، ويعني ذلك أن في عدم اتخاذ تلك الاحتياطات ما يقيم الركن المادي لتلك الجريمة .
وفي الواقع فإن السلوك السلبي وإن كان أقل خطورة من السلوك الإيجابي ، لأنه يفصح عن شخصية مهملة أكثر منها شخصية إجرامية إلا أنه لا يمكن إنكار دوره في جرائم تلويث البيئة وعلي ذلك تدخل المشرع بنصوص واضحة لتجريم الامتناع الذي يؤثر في القيمة القانونية محل الحماية الجنائية [15].
المطلب الثاني
النتيجة الإجرامية
تمهيد وتقسيم :
النتيجة عنصر من عناصر الركن المادي للجرائم بصفة عامة ، يترتب علي فعل الجاني المكون لهذا الركن ، فالإعتداء علي المصلحة محل الحماية القانونية هو علة التجريم ، وبغير هذا الاعتداء لا يكون للتجريم محل .
ويلاحظ أن تحديد مدلول النتيجة يتنازعه اتجاهان :
الأول يري أنها التغيير الذي يحدث في العالم الخارجي المحيط بالجاني ، ويكون مصدره النشاط الإجرامي للفاعل ، فالأوضاع الخارجية التي أحاطت به كانت علي نحو معين قبل حصول نشاط الجاني ثم تغيرت بعد ذلك من جراء هذا السلوك .
والثاني يري أن النتيجة هي الاعتداء أو العدوان علي المصلحة التي يحميها القانون ، ويتخذ الاعتداء إما صورة الضرر أو تعريض المصلحة المحمية للخطر.
و يذهب الرأي الراجح في الفقـــــه أن الصلة وثيقة بين هذين المدلولين ، وأنه لا يسوغ التســــليم بأحدهــــما وإنكار الآخر [16] ، وعلي ذلك فللنتيجة مدلولان : مدلول مادي باعتبارها مجرد ظاهرة مادية ، ومدلول قانوني باعتبارها فكرة قانونية ، وعلي الرغم من اختلاف المدلولين ، فإن بينهما صلة وثيقة تجعل تحديد ماهية النتيجة والأحكام التي تخضع لها مقتضياً الرجوع إليهما معاً [17].
والنتجة كظاهرة مادية تشكل التغيير الذي يحدث في العالم الخارجي كأثر للسلوك الإجرامي ، أما في نطاق الفكرة القانونية فهي العدوان الذي ينال الحق أو المصلحة الجديرة بالحماية .
وعلي ذلك ، فإن الحكم علي فعل معين بأنه ضار أو بأنه خطر لا يتأتي إلا إذا أدخلنا في اعتبارنا المصلحة التي يستهدف القانون كفالتها بالتجريم ، وبعبارة أخري أن كلا من فكرتي الضرر والخطر إنما تتأتي من نظرة إلي الفعل ، لا في ذاته وإنما في صلته بالمصلحة التي يحميها القانون وتعبر عن حكم يصدر علي هذا الفعل بأنه يفوت هذه المصلحة أو يعرضها لاحتمال الضياع [18] ، ولسوف نتعرض فيما يلي إلي كل من النتيجة الضارة والخطرة كل في فرع مستقل .
الفرع الأول
النتيجة الضارة
مفهوم الضرر البيئي :
لكل مجتمع قيم ومصالح أساسية يعمل علي حمايتها بشتي الطرق ، مدنيا، وإدارياً واقتصادياً ، كما يفرض لها حمايته الجنائية إذا دعت الظروف ، وحينئذ تسمي بالمصالح المحمية جنائياً من الضرر الجنائي ، مثل الحق في الحياة ، والأمن ، والسكينة ، والسلامة الجسدية ، ويتوافر الضرر الجنائي في صورتيه العام والاجتماعي كنتيجة مادية للسلوك بطريقة ملموسة في العالم الخارجي ، ويطلق عليه الفقه مصطلح جرائم الضرر ، وغالباً ما يصاحب الضرر الجنائي ضرر آخر يمس فرداً أو مجموعة أفراد ويسمي الضرر الخاص أو الفردي ، وأياً كانت طبيعة المصالح المحمية فإنها لا تتشابك وبعضها البعض [19] .
فجريمة الضرر الجنائي هي التي يتطلب القانون الجنائي تحقق ضرر معين كنتيجة للسلوك، فتفترض واقعة أي تغييراً ملموساَ في الأوضاع السابق قيامها في العالم الخارجي ، غير أن هذه الواقعة لا تتكون بالضرورة من أثر مادي متميز عن سلوك الفاعل بل قد تكون هذا السلوك ذاته كما هو الشأن في الجرائم السلبية [20].
وجرائم الضرر بهذا المعني عديدة لا تحصي ، ولفظ الضرر إنما يصدق علي واقعة تحققت فعلاً ، بحيث يتعين علي القاضي التحقق من أن هذا الضرر قد وقع فعلاً وأن الجريمة قد استكملت بوقوعه أركان وجودها [21].
الفرع الثاني
النتيجة الخطرة
ولا يقتصر اهتمام المشرع الجنائي علي تجريم النتائج الضارة التي تنجم عن السلوك الإجرامي فأحياناً يكون تعريض المصلحة المحمية لخطر إصابتها بالضرر محلاً للتجريم ، وتسمي جرائم الخطر وتتمتع تلك الجرائم بأهمية فائقة في عصرنا الحالي ، فهي أحد الوسائل الهامة التي يعتمد عليها المشرع للحد من نطاق الأضرار الناجمة عن أفعال تلويث البيئة والحيلولة دون استفحالها أو انتشار أضرارها علي نحو يصعب تداركه ، وذلك بتجريم السلوك الخطر في مرحلة سابقة علي تحقق الضرر الذي قد يصيب المصلحة موضوع الحماية [22].
والخطر هو صلاحية عامل معين أو ظروف ما لإحداث ضرر ما [23] ، ويذهب الفقه البلجيكي إلي ضرورة تجريم أوجه الخطورة الإجرامية وسلوكيات الخطر سواء صدرت من أشخاص طبيعية أو معنوية وبصفة خاصة تلك التي تنطوي علي مساس بالبيئة ، ويبرر الفقه هذا النهج أنه لا مناص من تجريم الخطورة الناتجة عن بعض الأنشطة التي تدور في محيط الحياة المعاصرة مثلما هو في محيط الحياة الاقتصادية ، وفي محيط حماية البيئة وحماية المستهلك نظراً لما تتسم به هذه المجالات من تعقيد وتكتيك متتابع سريع الخطي ، وهو ما يفسر تعاظم جرائم الخطر في مواجهتها لأنشطة لا يمكن أو يصعب تقييم آثارها وإن أمكن تقييمها بمعيار المخاطرة [24] .
والخطورة حالة تتولد عن الخطر أحياناً نتيجة لنشاط إنسانى متعلق بإشياء خطرة بطبيعتها ، كإستخدامات المواد النووية أو تكون خطورتها راجعة إلى المكان الذى تمارس فيه ، كالأنشطة التى تجرى فى مناطق حدودية أو فى مناطق ساحلية تهدد سلامة البيئة البحرية ، فاتصال أجزاء البيئة البحرية وخضوعها للتيارات البحرية ، يعمل لسرعة نشر التأثيرات الضارة لمسافات بعيدة نسبياً ، كذلك فإن الشكل الذى تمارس فيه الأنشطة قد ينبىء بخطورتها ، كنقل النفط بكميات كبيرة فى الناقلات العملاقة ، سواء فى البيئة البرية أو البحرية [25]
الفرع الثالث
النطاق المكاني و الزماني للنتيجة الإجرامية
تتميز النتيجة المعتبرة عنصراً من عناصر الركن المادي في جرائم تلويث البيئة بطبيعة خاصة من حيث مكان وزمان تحققها ، فعلي عكس النتيجة الإجرامية في الجرائم التقليدية ، والتي تتحقق غالباً في ذات مكان وزمان ارتكاب السلوك الإجرامي ، فإن النتيجة في جرائم تلويث البيئة عادة ما يتراخي تحققها ، فتحدث في مكان أو زمان مختلفين عن مكان أو زمان السلوك الإجرامي مما يثير تساؤلات عدة تتعلق بالنطاق المكاني والزماني للنتيجة الإجرامية في هذه الطائفة من الجرائم وما يرتبط بذلك من إشكاليات قانونية دقيقة وأحياناً معقدة ، وعلي ذلك فسوف نتعرض في هذا الفرع إلي النطاق المكاني للنتيجة ثم إلي النطاق الزماني علي النحو الذي سيرد.
١- النطاق المكاني للنتيجة الإجرامية
عادة ما تتحقق النتيجة الإجرامية في مكان وقوع السلوك ، بيد أن الأمر يدق وقد يثير إشكالية قانونية إذا حدث السلوك في دولة وتحققت النتيجة الإجرامية في دولة أخري ، فإذا كان للنتيجة الإجرامية آثار تتجاوز الحدود السياســية والجغرافية لدولة مـــكان السلوك لتتحقق في إقلــيم دولة أخري كمـا في بعض جرائم تلويث البيئة ، فيسـمي ذلك بالتلوث عبر الحدود (٢٦) .
ولقد كان للكوارث البيئية المتعددة و المتعاقبة التي تعرض لها العالم في السنوات الماضية أبلغ الأثر في لفت الأنظار إلي أن تلوث البيئة لا يقف عند حد دولة معينة ، ولا يمكن النظر إليه علي أنه من المسائل الداخلية المحضة ، وقد كان البحث دائماً ما يرتكز علي قواعد القانون الدولي ، لتحديد مسئولية دولة ما عن الأضرار التي يمكن أن تحققها نشاطاتها المناهضة للبيئة في دولة أخري ، سواء كان ذلك ناجماً عن نشاطها العسكري أو الصناعي ، أو عن استغلالها لثرواتها الطبيعية الموجودة في إقليمها .
أما علي مستوي القانون الجنائي ، وعندما يبرز فعل التلويث عبر الحدود في صورة جريمة جنائية تقع بالمخالفة لنص تجريمي في القانون الجنائي لهذه الدولة أو تلك ، فتثور بعض الإشكاليات القانونية المتعلقة بكيفية معالجة تلك الجرائم ، لذا سنتعرض في عجالة إلي المشاكل القانونية التي يثيرها هذا النوع من التلوث في نقاط نجملها فيما يلي :
أولاً الأساس الذي يمكن الاستناد عليه في تحديد ما إذا كان الفعل يشكل جريمة من عدمه ، فليس بالضرورة أن تكون جميع الدول تجرم كل أفعال التلويث ، والأصل أن الفعل يعد جريمة طبقاً لقانون الإقليم الذي ارتكب فيه ، فكل ما لم يحظره عليه فهو مباح .
ثانياً الاختصاص القضائي بنظر واقعة التلوث ، وهل ينعقد لمحاكم دولة السلوك ( فعل التلويث ) أم محاكم دولة النتيجة ، أم للإثنين معاً ؟
ثالثاً القانون الواجب التطبيق علي واقعة التلويث ، هل هو قانون الدولة التي وقع علي إقليمها السلوك أم هو قانون الدولة التي تحققت علي إقليمها النتيجة الإجرامية في جريمة التلويث ؟.
٢- النطاق الزماني للنتيجة الإجرامية
قد تتراخي النتيجة فتتحقق في زمان مختلف عن زمان ارتكاب السلوك الإجرامي وهذا ما يعرف بالنطاق الزماني للنتيجة الإجرامية . وفي جرائم تلويث البيئة يعتبر تراخي النتيجة الإجرامية أمراً كثير الوقوع وذلك نظراً لتميز هذا النوع من الجرائم بذاتية خاصة ، بما ينطوي عليه من ضرر بيئي لا يتضح تأثيره إلا في بعد فترة كمون قد تتراخي عشرات السنين .
ومن المعلوم أن الأضرار البيئية منها أضرار مباشرة يمكن التعرف إليها وإدراكها بشكل حال ، حيث تظهر عقب فعل التلويث مباشرة أو بعده بفترة زمنية وجيزة ، ومن هذه الأضرار غير المباشرة وهي التي لا تظهر عادة إلا بعد مدد طويلة ، وهذه الجرائم تبرز بجلاء في حالات التلوث التي تتحقق بنسب منخفضة وبصورة متكررة وتدريجية كتسرب مخلفات أحد المصانع في مجاري أحد الأنهار بشكل يومي وبنسب بسيطة وغير مرئية ، بحيث تؤدي بعد مدة إلي تلويث المجري المائي [27].
ولئن كانت الجرائم تنقسم من حيث زمن تحقق عناصرها إلي جرائم وقتية ومستمرة ، والأولي هي تلك التي لا يستغرق تحقق عناصرها غير برهة يسيرة ، أما الأخيرة هي التي يمتد تحقق عناصرها لوقت طويل نسبياً [28] . فإن لهذا التقسيم أهمية ، تتمثل في اختلاف الأحكام التي تخضع لها الجرائم الوقتية عن تلك التي تخضع لها الجرائم المستمرة ، أهمها التقادم ، والاختصاص الإقليمي ، وقوة الشيئ المحكوم به .
التقادم
يبدأ التقادم لسريان المدة المسقطة في الجرائم الوقتية من وقت ارتكاب الجريمة ، بينما يبدأ في الجرائم المستمرة من وقت انتهــــاء حالة الاستمرار .
الاختصاص
من حيث الاختصاص الإقليمي فيتحدد اختصاص المحكمة بنظر الدعوي وفق المكان الذي تمت فيه الجريمة الوقتية ، بينما ينعقد نظرها لجميع المحاكم التي قامت في دائرتها حالة الاستمرار في الجرائم المستمرة .
قوة الشيء المحكوم فيه
أما بالنســبة لقوة الشيئ المحكوم به ، فلا يحوز الحكم في الجريمة الوقتية قوة الشيئ المحكوم فيه إلا بالنسبة للواقعة التي تمت بشأنها المحاكمة ، فالحكم الصادر في الجريمة الوقتية لا يمنع من إعادة المحاكمة عن واقعة أخري من ذات النوع ، وذلك لاستقلال كل منها عن الأخري .
ما بالنسبة للجرائم المستمرة ، فإن قوة الشيئ المقضي يــــــحوز جميع الوقائع التي اشتملتها حالة الاستمرار قبل رفع الدعوي [29] .
وهذا - في رأينا - هو ما دعا المشرع المصري إلي التعامل مع جريمة الأصل فيها أنها مستمرة نظراً لكونها في طبيعتها قابلة للاستمرار ، علي أنها مجموعة متكررة من الجرائم ، وأكد علي الطبيعة الوقتية لتلك الجرائم فتعامل معها علي أنها منفصلة عن بعضها البعض تحقيقاً لحماية بيئية أفضل علي نحو ما جري عليه في قانون البيئة الموحـد رقم 4 لسـنة 1994 عندما نـص في المادة (69) من هذا القانون علي أن
" يحظر علي جميع المنشآت بما في ذلك المحال العامة والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية والخدمية تصريف أو إلقاء أية مواد أو نفايات أو سوائل غير معالجة من شأنها إحداث تلوث في الشواطئ المصرية أو المياه المتاخمة لها سواء تم ذلك بطريقة إرادية أو غير إرادية مباشرة أو غير مباشرة ، ويعتبر كل يوم من استمرار التصريف المحظور مخالفة منفصلة ".
وبناء عليه لم يعتبر المشرع المصري جريمة تلويث المياه عن طريق التصريف المستمر لمواد أو نفايات فيها جريمة مستمرة ، رغــم أن فعل التصــريف قابل بطبيعـــته للاســتمرار في الزمن ، طالما شاء له الجاني أن يستمر ، وإنما نظر إلي واقعة التصريف بشكل مجزأ ، واعتبر كل يوم من أيام التصريف يشكل جريمة وقتية قائمة بذاتها ، بحيث يعاقب عنها الفاعل منفصلة عن غيرها من جرائم التصريف الأخري المرتكبة في الأيام السابقة أو التالية لها ، والتي هي عادة تستغرق فترة زمنية طويلة [30].
أما من حيث الجرائم المستمرة ، فهناك من الجرائم ما يحتمل بطبيعته الاستمرار ، والعبرة في تقدير الاستمرار الذي توصف به الجريمة بالحالة التي يتكون منها النشاط الإجرامي وقدرته علي الاستمرار بعد تمام الجريمة دون النظر لما قد ينشأ عن العمل المادي المكون للجريمة من حالة تحتمل الاستمرار زمناً ما ، ومن أمثلة ذلك جريمة حيازة مواد نووية بدون ترخيص ، والمنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم (59) لسنة 1960 في شأن تنظيم استعمال الإشعاعات المؤينة والوقاية من أخطارها ، حيث تستمر الجريمة طوال حيازة الجاني للمواد النووية بدون ترخيص لاستمرار المساس بالمصلحة موضوع الحماية طيلة الوقت الذي تدخلت فيه إرادة الجاني بصورة متجددة ومستمرة ، بما يسمح باعتبار الجريمة من جرائم تلويث البيئة المستمرة [31].
المطلب الثالث
صلة السببية
ويقصد بها تلك الرابطة التي تصل بين سلوك الجاني وبين النتيجة الإجرامية وتفيد اسنادها إليه ، وهي بهذا النحو تعد عنصراً جوهرياً في الركن المادي لجميع الجرائم التي يتطلب القانون لقيامها تحقق نتيجة إجرامية مفهومة علي أنها واقعة متميزة عن سلوك الجاني كما هو الوضع في الجرائم الإيجابية ، واعتبار علاقة السببية عنصراً في الركن المادي لهذه الجريمة مؤداه بالضرورة أنه حيث تنتفي هذه العلاقة لا يمكن مساءلة الجاني عن جريمة تامة ، وإنما تقف مسئوليته عند حد الشروع إذا توافر لديه القصدالجنائي ، ولا تلحقه مسئولية علي الإطلاق عند تخلف هذا القصد [32] .
وعلاقة السببية ليست فكرة قانونية خالصة ، وإنما يتسع نطاقها لفروع العلم كافة ، فكل علم يجتهد في تحديد صلات السببية بين الظواهر التي يدرسها [33].
والسلوك الإجرامي في جرائم تلويث البيئة يرتبط بنتيجة محظورة تسبب إخلالاً أو تغييراً في البيئة أو الوسط الطبيعي ( مائي ، هوائي ، غذائي )، ويترتب الخطر أو الضرر كنتيجة من مسببات السلوك الإنساني وبما يحــــدثه هذا الســــبب من اختلال في التوازن الفطري الطبيـــعي أو النوعي بين مختلف عناصــــر ومكونات البيئة ، وإذا كان الركن المادي للجرائم الماسة بالبيئة يتكون من أفعال تطال أيا من عناصرها أو أكثر بالتلويث ، فإنه يشترط للقول باكتمال هذا الركن لعناصره أن تنسب هذه النتيجة إلي ذلك النشاط المادي الصادرعن فاعله ، بمعني أن يكون بين النتيجة والنشاط المادي صلة سببية [34].
والأصل أن الضرر الواقع ينسب إلي الفاعل كلما أمكن لإنسان عادي في مثل ظروف الفاعل أن يحيط بالعوامل السابقة علي فعله أو المعاصرة إياه وأن يتوقع العوامل اللاحقة له . فيعد الفاعل سبباً للضرر ولو كان يجهل هذه العوامل أو كان يتوقع اللاحقة منها متي كان في وسع شخص عادي أن يعلمها أو يتوقع هذه الأخيرة [35].
ولا يثير بحث علاقة السببية صعوبة ما إذا كان سلوك الجانى هو العامل الوحيد الذى أدى إلى النتيجة ، وهو ما يفترض كفايته لإحداثها ، وتوصف السببية المباشرة Causalite directe ، غير أنه كثيراً ما يحدث ألا يكون سلوك الجانى سبباً مباشراً فى حدوث النتيجة ، ويتحقق ذلك إذا كان هذا السلوك غير كاف بمفرده لاحداثها ولكنه يؤدى إليها بسبب تدخل عوامل أخرى مستقلة عنه وتضافرها معه بحيث يمكن القطع بأنه لولا تدخل هذه العوامل ماحدثت النتيجة [36].
وجوهر فكرة السببية تحديد معيار الصلة التى تربط بين واقعتين ، فتجعل من السائغ القول بأن أحدهما سبب للأخرى ، وهذا التحديد كل خلاف فى الفقه .
منهم من قال بنظرية السبب المباشر ومضمونها ألا يسأل الفاعل عن النتيجة إلا إذا كان نشاطه هو السبب المباشر لها كما قدمنا .
ومنهم من قال بالمساواة بين جميع العوامل التى ساهمت فى إحداث النتيجة فكل منها تقوم بينه وبين النتيجة علاقة سببية ، وتطبيق ذلك على القانون – فى نظرهم – يقتضى القول بأن علاقة السببية تقوم بين فعل الجانى والنتيجة الإجرامية إذا ثبت أنه عامل ساهم فى إحداثها ولو كان نصيبه فى المساهمة محدوداً ، وشاركت معه فى ذلك عوامل تفوقه فى الأهمية على نحو ملحوظ وهو ما يسمى بنظرية تعادل الأسباب L'equivalence des conditions [37].
ومنهم من ذهب إلى التفرقة بين عوامل النتيجة الإجرامية والاعتداد ببعضها دون البعض الآخر ، ومؤداها أنه لا يكفى إعتبار سلوك ما سبباً فى النتيجة أن يكون قد ساهم فيها بنصيب ما على نحو ما تذهب إليه نظرية تعادل الأسباب ، وإنما يلزم فضلاً عن ذلك أن يكون هذا السلوك مما يؤدى إلى النتيجة وفقاً للمجرى العادى للأمور فتعد علاقة السببية متوافرة بسببين السلوك والنتيجة ولو ساهمت معه فى إحداثها عوامل أخرى سابقة عليه أو متعاصرة معه أو لاحقة له ما دامت هذه العوامل مألوفة ومتوقعة طبقاً لما يحدث فى الحياة عادة ، أما حيث يتضافر مع سلوك الجانى فى إحداث النتيجة عامل شاذ غير مألوف فأنه ينفى علاقة الســـــببية بينها وبين ســــلوك الجانى الذى لا يمــــكن تبعــــاً أن تقتصــــر فى مســـئوليته حد الشــــروع فى الجريمة على فـــــرض توافر القصــــد الجنائى لديه ، وهـــــذا ما يسمى ( بنظرية السبب الملائم ) La cause adequate [38].
ومنهم من قال بضرورة التمييز بين الجرائم العمدية وغير العمدية ، وإستلزام علاقة السببية المباشرة فى النوع الأول والاكتفاء بالسببية غير المباشرة فى النوع الثانى [39].
والراجح فى رأينا القول بأن معيار السببية هو الإعتداد بالسبب الذى لولاه ما تحققت النتيجة فهناك من العوامل ما قد يتدخل زمنياً فى التسلسل السببى فى إحداثها ، بيد أنه لا يكون له ثمة أثر فعال فى إحداثها ، فكيف يمكن اعتباره سبباً لوقوعها ، وهو مجرد حادث تزامن معها فقط ولم يكن له أى دخل فى إحداثها .
[1] د .عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات ،القسم العام ، 1990-1991، دار النهضة العربية ص 151 وما بعدها .
وأنظر كذلك د.سليمان عبد المنعم ، النظرية العامة لقانون العقوبات ، ص469 .
[2] د. جلال ثروت ، نظرية الجريمة المتعدية القصد في القانون المصري والمقارن ، دار الجامعة الجديدة للنشر 2003 ص41 .
[3] د. سليمان عبد المنعم ، النظرية العامة لقانون العقوبات، ص472 .
[4] د.محمد مؤنس محب الدين ، البيئة في القانون الجنائي ، ص 222 .
[5] د.محمد مؤنس محب الدين ،المرجع السابق ذات الموضع .
[6] د.سليمان عبد المنعم ، النظرية العامة لقانون العقوبات ، ص 473 .
[7] د. محمد مؤنس محب الدين ، البيئة في القانون الجنائي ، ص224-225 .
[8] د. فرج صالح الهريش ، جرائم تلويث البيئة ، ص224 .
[9] . د. فرج صالح الهريش ، المرجع السابق ذات الموضع .
[10] د .عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات ،القسم العام ، ص1 .
[11] د.محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات القسم العام ، الطبعة السادسة 1989 ، ص276 .
و من ذلك النوع من الجرائم ما ينص عليه المادتان (62 & 63) من قانون العقوبات الفرنسي من جريمة الامتناع عن التبليغ عن جريمة والامتناع عن تقديم العون الي شخص في خطر والامتناع عن تقديم الشهادة لصالح شخص بريء.
[12] أنطر في آراء الفقه ، د. جلال ثروت ، نظم القسم الخاص ، الجزء الأول ، جرائم الاعتداء علي الأشخاص ، الدار الجامعية للطباعة والنشر 1984، ص71 ، رقم 45 ، الامتناع في القتل .
[13] د. فرج صالح الهريش ، جرائم تلويث البيئة ، ص224.
[14] وهذا يعني ان الشارع يرصد في المادة 33 جريمة من جرائم الامتناع حيث تتضمن تلك المادة الأمر بإتيان أفعال يري الشارع ضرورة القيام بها لحماية للبيئة من التلوث ويضرب العقاب علي مخالفة هذا الأمر بالامتناع عن القيام بتلك الأفعال .
[15] د. نور الدين هنداوي ، الحماية الجنائية للبيئة ، ص90 .
[16] د. عصام أحمد محمد ، الحماية الجنائية للحق في سلامة الجسم في القانون المصري ، ص26 .
[17] د.محمود نجيب حسني ، قانون العقوبات ، القسم العام ، ص280.
[18] د. عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، مرجع سابق ، ص162.
[19] د. محمد مؤنس محب الدين ، البيئة والقانون الجنائي ، مرجع سابق ، ص195 .
[20] د. عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات القسم العام ، ص162 .
[21] د.رمسيس بهنام ، النظرية العامة للقانون الجنائي، ص492.
[22] د.فرج صالح الهريش ، جرائم تلويث البيئة ، ص244.
[23] د.رمسيس بهنام ، النظرية العامة للقانون الجنائي ، ص498.
[24] د. محمد مؤنس نحب الدين ، البيئة في القانون الجنائي ، ص205 .
[25] د. صلاح هاشم ، المسئولية الدولية عن المساس بالبيئة البحرية ، ص 242 .
[26] د. فرج صالح الهريش ، جرائم تلويث البيئة ، ص253.
[27] د. فرج صالح الهريش ، المرجع السابق ، ص272.
[28] د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، ص326 .
[29] أنظر في تفصيل ذلك بتوسع ، د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات ، المرجع سابق ، ذات الموضع ، وأنظر أيضاً في شأن تطبيق ما سلف علي جرائم تلويث البيئة ، د. ميرفت محمد البارودي ، المسئولية الجنائية للاستخدامات السلمية للطاقة النووية ، ص317.
[30] د. فرج صالح الهريش ، جرائم تلويث البيئة ، ص276 .
[31] د. ميرفت محمد البارودي ، المسئولية الجنائية للاستخدامات السلمية للطاقة النووية ، 315 .
[32] د. عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات ،ص 170 .
[33] د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، ص286 .
[34] . محمد مؤنس محب الدين ، البيئة في القانون الجنائي ، ص78 .
[35] د. رمسيس بهنام ، النظرية العامة للقانون الجنائي ، ص564.
[36] Naguib Hosni : le lien de causalite en Droit penal ) paris . 1952 , imp.umiversite de caire 1955 .
مشار إليه في ، د. عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، ص 171 .
وأنظر أيضاً د. رمزى رياض عوض ، نظرية النتيجة المتجاوزة القصد ، دراسة مقارنة ، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق جامعة القاهرة ص 69 .
[37] د. محمود نجيب حسنى ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، ص 289 وهو يشير إلى
Guter Spendel : Die Kausalitatsffrmel der Bedingungsthearie fur Handlumgs deliket ( 1948 ) s.2
[38] د. عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ،173.
[39] أنظر فى ذلك ، د. عمر السعيد رمضان ، المرجع السابق، 172
من المسلم به أنه لا سلطان للقانون علي ما يدور في ضمائر الأفراد أو يبيتونه من نيات طالما أنها لم تبرز إلي العالم الخارجي بأفعال تترجم عنها ، ولهذا كان لكل جريمة بالضرورة ركن مادي يتمثل في فعل أي واقعة خارجية تدركها الحواس وتسند إلي الجاني من الناحية المادية ، ويشــتمل هذا الركن المادي علي عناصر أساسية ، الأول هو السلوك الإجرامي ( سواء كان سلوكاً إيجابياً أو سلبياً ) والثاني هو النتيجة الإجرامية ، والثالث هو صلة السببية بينهما [1].
المطلب الأول
(السلوك الإجرامي)
السلوك بالمعني الفلسفي هو كل نشاط يأتيه الفرد ، فهو بهذا يستوعب المقاصد والأفكار والرغبات والحركات والسكنات ، بيد أنه في القانون لا عبرة إلا بالنشاط الذي يظهر إلي العالم الخارجي ، إذ لا تثريب علي الأفكار المستترة في النفس [2] .
أما السلوك المؤثم قانوناً فيتخذ إحدي صورتين ، الأولي شائعة غالبة وتستوعب السواد الأعظم من الجرائم وهي الفعل الإيجابي ، والثانية غير شائعة وإن كانت قائمة بنص القانون علي عديد من أشكالها وهي ما يعرف بالامتناع أو الفعل السلبي [3].
إلقاء النفايات من أهم الجرائم ضد البيئة
ويكاد ينحصر الفعل المادي في الجرائم المرتكبة ضد البيئة في فعل التلويث أياً كان شكله أو مصدره سواء وقع علي عنصر من عناصر البيئة الحيوية أو غير الحيوية ، وقد اهتمت تشريعات كل الدول في الحد من هذا الفعل وما ينجم عنه من آثار ممتدة سريعة الانتشار ، وفي هذا الشأن ولاعتبارات تتعلق بالمصلحة الجماعية المعنية بالتجريم ليشمل أفعال الخطر الملموس والخطر المجرد باعتبار أن الاعتداء علي البيئة يمثل اعتداء علي حق من الحقوق الأساسية الإنسانية [4].
الأنشطة الصناعية تسبب التلوث
ولما كان التلويث في مفهومه الشامل هو كل تغيير في الصفات الطبيعية أو الكيميائية أو البيولوجية للوسط البيئي المحيط بما يسبب تأثيرات ضارة أو خطرة علي الحياة البشرية في عناصرها وموجوداتها وأنشطتها ، فإنه يتمثل في غالبيته العظمي في الأفعال الإيجابية أو في صور النشاط المادي الإيجابي الصادر عن الإنسان أو من أنشطة المنشآت والمؤسسات الصناعية ، وتشمل تلك الأفعال الملوثة كل عناصر البيئة من ماء وهواء وأرض ، بيد أنه يمكن أيضا ً تصور فعل التلويث من خلال سلوك إجرامي سلبي يتحقق بالامتناع عن القيام بدور ما من أجل منع التلوث عندما يكون هناك واجب يفرضه القانون ينبغي أداؤه من أجل منع هذا التلوث [5].
الفرع الأول
السلوك الإيجابي
الفعل الإيجابي كيان مادي ملموس ، يتمثل فيما يصدر عن مرتكبه من حركات لأعضاء جسمه ابتغاء تحقيق آثار مادية معينة ، وهذا ما يميز الفعل عن الامتناع ، فالأخير هو إحجام عن الحركة حيث كان يتعين علي الشخص إتيانها ، والفعل لا يرقي إلي مرتبة السلوك المكون للركن المادي إلا إذا كان إرادياً ، ويمكن القول أن ثمة صلة سببية بين الإرادة و الحركة العضوية ، فالأولي سبب الثانية ، وإذا انتفت هذه الصلة بين الإرادة والحركة العضـــوية ، قيل أن الحــــركة العضـــوية غير إراديــــة ، ويترتب علي ذلك انتفــاء الجريمة قانوناً وامتنــــاع المسئولية الجنائية لمن صدرت منه هذه الحركة غير الإرادية ولو أفضت إلي حدوث النتيجة المحظورة قانوناً [6].
وينحصر السلوك المادي في أحد أنشطة الشخص الطبيعي أو المعنوي ، وبالتالي تستبعد من دائرة السلوكيات أفعال الطبيعة الأخري ، كالزلازل والبراكين والفيضانات علي الرغم مما تسببه من أضرار ، فهي وغيرها من الكوارث الطبيعية الأخري ضحايا بلا جرائم ، تتحمل الدولة تعويضهم في حدود التزاماتها.
التخلص من النفايات في البحر
فعلي سبيل المثال ، يتركز السلوك الإيجابي لتلويث المياه في إلقاء المخلفات في البحار والأنهار والشواطئ ومجاري المياه ، فتلويث البحر الإقليمي والشواطئ يتم عن طريق إلقاء مخلفات السفن وخاصة تلك التي تعمل في مجال نقل المواد البترولية حيث تجرمه نصـــــــوص القانون المختلفة ، بل أن التجريم يشمل الإلقاء ولو كان خارج إطار المجري المائي كما لو تم في عرض البحر أو بالقرب من المياه الإقليمية بصورة تسمح بوصول هذه المخلفات إلي المياه أو الشواطئ وتلويثها ، ولا يشترط أن يتم الإلقاء في عين المحل القانوني محل الاعتبار بالمصلحة القانونية ، كالبحر الإقليمي أو المنطقة الاقتصادية الخالصة أو غيرها ، بل يتصــــــور أن يكون في إحدي القنوات الفرعيــــة أو الأنابيب الممتدة أو العابرة لتلك المجاري المائية أومصادر المياه [7].
ومن الممكن أن يتصور وقوع هذا السلوك من أية سفينة أيا كانت جنسيتها ما دامت قد ارتكبت في الإقليم المصري .
تلوث البيئة الهوائية يؤثر على الصحة العامة
وفي جرائم تلويث الهواء الجوي يتمثل السلوك الإيجابي في صورة انبعاث ملوثات الهواء ، سواء كانت هذه الملوثات من المواد المشعة (مادة 47 من القانون 4 لسنة 1994) أو كانت شوائب غازية أو أو صلبة أو سائلة ينشأ عنها إضرار بالصحة العامة (مادة 35) ، أو ما إلي ذلك مما يمكن أن يسبب تلوثا في البيئة الهوائية ، ولا يشترط أن يتحقق الانبعاث بوسيلة ما أو بكيفية محددة ، فقد يتم بسبب إشعال النيران في مواد معينة أو بسبب ترك مواد عضوية سريعة التبخر ، وكذلك المذيبات والأحماض في العراء ، أو بسبب تشغيل الماكينات والآلات واحتراق الطاقة كعوادم السيارات أو عن طريق إلقاء المخلفات أو القمامة أو غيرها أو معالجتــــها أو حرقـــها وما شـــابه ذلك وهي جميـــعاً أفعال إيجابية تتحقـق بنشاط مادي إيجـــابي صــادر عن الجاني [8].
التربة
أما في جرائم تلوث التربة فالسلوك الإجرامي في معظم الجرائم يتمثل في صورة إيجابية تتم عن طريق طرح أو التخلص من النفايات دون مراعاة للضوابط والشروط المقررة في القانون ، كما قد يتم التخلص من تلك النفايات بتخزينها أو تركها أو دفنها أو ما شابه ذلك من العمليات وهذه الأفعال حسبما يبين أفعال إيجابية [9].
الفرع الثاني
السلوك السلبي ( الامتناع )
علي الرغم من أن القانون لا يعتد في قيام الجريمه الإيجابية إلا بتحقق واقعة معينة ينهي عنها ولا يقيم وزناً لصــــــــورة السلوك الذي يحقق هذه الواقعة ، فقد اختلف الفقه فيما إذا كانت الجريمة الإيجابية تتطلب عملاً إيجابياً من جانب الجاني أم أنها يمكن أيضاً أن تقع بسلوك سلبي أي عن طريق الامتناع [10].
و الامتناع هو إحجام شخص عن إتيان فعل إيجابي معين كان الشارع ينتظره منه في ظروف معينة بشرط أن يوجد واجب قانوني يلزمه بهذا الفعل ، وأن يكون في استطاعــــة الممتنع عنه إتيانه وعلي ذلك فالامتناع ليس عدماً أو فراغاً إنما هو كيـان قانوني له وجوده وعناصره التي يقوم عليها ، وإن كان الامتناع من الناحية الماديه ظاهرة سلبية فهو من الوجهة القانونية ظاهرة إيجابية ، أي أنه موجود قانوني له كيانه [11].
وعلي هذا الأساس لايتردد الفقه في إعطاء الإمتناع حكم الفعل في كل جريمة يتصور أن تقع بالإمتناع لأن كل من الفعل والامتناع سلوك يستطيع الإنسان أن يتوسل به في إحداث النتيجه ، أي يستطيع أن يكون سبباً للنتيجه ، ومصدراً للخطأ فيها [12].
وتحتل جرائم الامتناع في منظومة جرائم تلويث البيئة مكاناً بارزاً ، ذلك أن مقتضيات حماية البيئة تفرض التوسع في فرض التزامات علي الأفراد والمنشآت بالقيام بأفعال معينة أو اتخاذ احتياطات محددة أو مراعاة مواصفات فنية خاصة يتطلبها تحقيق هذه الحماية [13].
ومن استقراء القوانين البيئية ، يبين لنا حرص الشارع علي تضمينها لنصوص تأمر بإتيان أفعال يري ضرورة القيام بها حماية للبيئة من التلوث ، وبالتالي يشكل الإحجام عن إتيانـــــها سلوكاً إجرامياً معاقباً عليه بمقتضي تلك النصوص ، وفي هذه الحالة يعاقب علي مجرد الامتناع دون اشتراط تحقق نتيجة معينة تحدث تغييراً في العالم الخارجي كأثر للنشاط الإجرامي وتمثل جرائم الامتناع في القانون المصري مكانة هامة في تلك المنظومة ، سواء نتج عنها ضرر ما أوكان من شأنها أن تحدث هذا الضرر [14].
فمثلاً نجد المادة 33 من القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة تجري علي أن " علي القائمين علي إنتاج أو تداول المواد الخطرة سواء كانت في حالتها السائلة أو الغازية أو الصلبة أن يتخذوا جميع الاحتياطات بما يضمن عدم حدوث أي أضرار بالغة وعلي صاحب المنشأة التي ينتج عن نشاطها مخلفات خطرة طبقاً لأحكام هذا القانون الاحتفاظ بسجل هذه المخلفات وكيفية التخلص منها وكذلك الجهات المتعاقد معها لتسلم هذه المخلفات ..إلخ ." ، ويعني ذلك أن في عدم اتخاذ تلك الاحتياطات ما يقيم الركن المادي لتلك الجريمة .
وفي الواقع فإن السلوك السلبي وإن كان أقل خطورة من السلوك الإيجابي ، لأنه يفصح عن شخصية مهملة أكثر منها شخصية إجرامية إلا أنه لا يمكن إنكار دوره في جرائم تلويث البيئة وعلي ذلك تدخل المشرع بنصوص واضحة لتجريم الامتناع الذي يؤثر في القيمة القانونية محل الحماية الجنائية [15].
المطلب الثاني
النتيجة الإجرامية
تمهيد وتقسيم :
النتيجة عنصر من عناصر الركن المادي للجرائم بصفة عامة ، يترتب علي فعل الجاني المكون لهذا الركن ، فالإعتداء علي المصلحة محل الحماية القانونية هو علة التجريم ، وبغير هذا الاعتداء لا يكون للتجريم محل .
ويلاحظ أن تحديد مدلول النتيجة يتنازعه اتجاهان :
الأول يري أنها التغيير الذي يحدث في العالم الخارجي المحيط بالجاني ، ويكون مصدره النشاط الإجرامي للفاعل ، فالأوضاع الخارجية التي أحاطت به كانت علي نحو معين قبل حصول نشاط الجاني ثم تغيرت بعد ذلك من جراء هذا السلوك .
والثاني يري أن النتيجة هي الاعتداء أو العدوان علي المصلحة التي يحميها القانون ، ويتخذ الاعتداء إما صورة الضرر أو تعريض المصلحة المحمية للخطر.
و يذهب الرأي الراجح في الفقـــــه أن الصلة وثيقة بين هذين المدلولين ، وأنه لا يسوغ التســــليم بأحدهــــما وإنكار الآخر [16] ، وعلي ذلك فللنتيجة مدلولان : مدلول مادي باعتبارها مجرد ظاهرة مادية ، ومدلول قانوني باعتبارها فكرة قانونية ، وعلي الرغم من اختلاف المدلولين ، فإن بينهما صلة وثيقة تجعل تحديد ماهية النتيجة والأحكام التي تخضع لها مقتضياً الرجوع إليهما معاً [17].
والنتجة كظاهرة مادية تشكل التغيير الذي يحدث في العالم الخارجي كأثر للسلوك الإجرامي ، أما في نطاق الفكرة القانونية فهي العدوان الذي ينال الحق أو المصلحة الجديرة بالحماية .
وعلي ذلك ، فإن الحكم علي فعل معين بأنه ضار أو بأنه خطر لا يتأتي إلا إذا أدخلنا في اعتبارنا المصلحة التي يستهدف القانون كفالتها بالتجريم ، وبعبارة أخري أن كلا من فكرتي الضرر والخطر إنما تتأتي من نظرة إلي الفعل ، لا في ذاته وإنما في صلته بالمصلحة التي يحميها القانون وتعبر عن حكم يصدر علي هذا الفعل بأنه يفوت هذه المصلحة أو يعرضها لاحتمال الضياع [18] ، ولسوف نتعرض فيما يلي إلي كل من النتيجة الضارة والخطرة كل في فرع مستقل .
الفرع الأول
النتيجة الضارة
مفهوم الضرر البيئي :
لكل مجتمع قيم ومصالح أساسية يعمل علي حمايتها بشتي الطرق ، مدنيا، وإدارياً واقتصادياً ، كما يفرض لها حمايته الجنائية إذا دعت الظروف ، وحينئذ تسمي بالمصالح المحمية جنائياً من الضرر الجنائي ، مثل الحق في الحياة ، والأمن ، والسكينة ، والسلامة الجسدية ، ويتوافر الضرر الجنائي في صورتيه العام والاجتماعي كنتيجة مادية للسلوك بطريقة ملموسة في العالم الخارجي ، ويطلق عليه الفقه مصطلح جرائم الضرر ، وغالباً ما يصاحب الضرر الجنائي ضرر آخر يمس فرداً أو مجموعة أفراد ويسمي الضرر الخاص أو الفردي ، وأياً كانت طبيعة المصالح المحمية فإنها لا تتشابك وبعضها البعض [19] .
فجريمة الضرر الجنائي هي التي يتطلب القانون الجنائي تحقق ضرر معين كنتيجة للسلوك، فتفترض واقعة أي تغييراً ملموساَ في الأوضاع السابق قيامها في العالم الخارجي ، غير أن هذه الواقعة لا تتكون بالضرورة من أثر مادي متميز عن سلوك الفاعل بل قد تكون هذا السلوك ذاته كما هو الشأن في الجرائم السلبية [20].
وجرائم الضرر بهذا المعني عديدة لا تحصي ، ولفظ الضرر إنما يصدق علي واقعة تحققت فعلاً ، بحيث يتعين علي القاضي التحقق من أن هذا الضرر قد وقع فعلاً وأن الجريمة قد استكملت بوقوعه أركان وجودها [21].
الفرع الثاني
النتيجة الخطرة
ولا يقتصر اهتمام المشرع الجنائي علي تجريم النتائج الضارة التي تنجم عن السلوك الإجرامي فأحياناً يكون تعريض المصلحة المحمية لخطر إصابتها بالضرر محلاً للتجريم ، وتسمي جرائم الخطر وتتمتع تلك الجرائم بأهمية فائقة في عصرنا الحالي ، فهي أحد الوسائل الهامة التي يعتمد عليها المشرع للحد من نطاق الأضرار الناجمة عن أفعال تلويث البيئة والحيلولة دون استفحالها أو انتشار أضرارها علي نحو يصعب تداركه ، وذلك بتجريم السلوك الخطر في مرحلة سابقة علي تحقق الضرر الذي قد يصيب المصلحة موضوع الحماية [22].
والخطر هو صلاحية عامل معين أو ظروف ما لإحداث ضرر ما [23] ، ويذهب الفقه البلجيكي إلي ضرورة تجريم أوجه الخطورة الإجرامية وسلوكيات الخطر سواء صدرت من أشخاص طبيعية أو معنوية وبصفة خاصة تلك التي تنطوي علي مساس بالبيئة ، ويبرر الفقه هذا النهج أنه لا مناص من تجريم الخطورة الناتجة عن بعض الأنشطة التي تدور في محيط الحياة المعاصرة مثلما هو في محيط الحياة الاقتصادية ، وفي محيط حماية البيئة وحماية المستهلك نظراً لما تتسم به هذه المجالات من تعقيد وتكتيك متتابع سريع الخطي ، وهو ما يفسر تعاظم جرائم الخطر في مواجهتها لأنشطة لا يمكن أو يصعب تقييم آثارها وإن أمكن تقييمها بمعيار المخاطرة [24] .
والخطورة حالة تتولد عن الخطر أحياناً نتيجة لنشاط إنسانى متعلق بإشياء خطرة بطبيعتها ، كإستخدامات المواد النووية أو تكون خطورتها راجعة إلى المكان الذى تمارس فيه ، كالأنشطة التى تجرى فى مناطق حدودية أو فى مناطق ساحلية تهدد سلامة البيئة البحرية ، فاتصال أجزاء البيئة البحرية وخضوعها للتيارات البحرية ، يعمل لسرعة نشر التأثيرات الضارة لمسافات بعيدة نسبياً ، كذلك فإن الشكل الذى تمارس فيه الأنشطة قد ينبىء بخطورتها ، كنقل النفط بكميات كبيرة فى الناقلات العملاقة ، سواء فى البيئة البرية أو البحرية [25]
الفرع الثالث
النطاق المكاني و الزماني للنتيجة الإجرامية
تتميز النتيجة المعتبرة عنصراً من عناصر الركن المادي في جرائم تلويث البيئة بطبيعة خاصة من حيث مكان وزمان تحققها ، فعلي عكس النتيجة الإجرامية في الجرائم التقليدية ، والتي تتحقق غالباً في ذات مكان وزمان ارتكاب السلوك الإجرامي ، فإن النتيجة في جرائم تلويث البيئة عادة ما يتراخي تحققها ، فتحدث في مكان أو زمان مختلفين عن مكان أو زمان السلوك الإجرامي مما يثير تساؤلات عدة تتعلق بالنطاق المكاني والزماني للنتيجة الإجرامية في هذه الطائفة من الجرائم وما يرتبط بذلك من إشكاليات قانونية دقيقة وأحياناً معقدة ، وعلي ذلك فسوف نتعرض في هذا الفرع إلي النطاق المكاني للنتيجة ثم إلي النطاق الزماني علي النحو الذي سيرد.
١- النطاق المكاني للنتيجة الإجرامية
عادة ما تتحقق النتيجة الإجرامية في مكان وقوع السلوك ، بيد أن الأمر يدق وقد يثير إشكالية قانونية إذا حدث السلوك في دولة وتحققت النتيجة الإجرامية في دولة أخري ، فإذا كان للنتيجة الإجرامية آثار تتجاوز الحدود السياســية والجغرافية لدولة مـــكان السلوك لتتحقق في إقلــيم دولة أخري كمـا في بعض جرائم تلويث البيئة ، فيسـمي ذلك بالتلوث عبر الحدود (٢٦) .
ولقد كان للكوارث البيئية المتعددة و المتعاقبة التي تعرض لها العالم في السنوات الماضية أبلغ الأثر في لفت الأنظار إلي أن تلوث البيئة لا يقف عند حد دولة معينة ، ولا يمكن النظر إليه علي أنه من المسائل الداخلية المحضة ، وقد كان البحث دائماً ما يرتكز علي قواعد القانون الدولي ، لتحديد مسئولية دولة ما عن الأضرار التي يمكن أن تحققها نشاطاتها المناهضة للبيئة في دولة أخري ، سواء كان ذلك ناجماً عن نشاطها العسكري أو الصناعي ، أو عن استغلالها لثرواتها الطبيعية الموجودة في إقليمها .
أما علي مستوي القانون الجنائي ، وعندما يبرز فعل التلويث عبر الحدود في صورة جريمة جنائية تقع بالمخالفة لنص تجريمي في القانون الجنائي لهذه الدولة أو تلك ، فتثور بعض الإشكاليات القانونية المتعلقة بكيفية معالجة تلك الجرائم ، لذا سنتعرض في عجالة إلي المشاكل القانونية التي يثيرها هذا النوع من التلوث في نقاط نجملها فيما يلي :
أولاً الأساس الذي يمكن الاستناد عليه في تحديد ما إذا كان الفعل يشكل جريمة من عدمه ، فليس بالضرورة أن تكون جميع الدول تجرم كل أفعال التلويث ، والأصل أن الفعل يعد جريمة طبقاً لقانون الإقليم الذي ارتكب فيه ، فكل ما لم يحظره عليه فهو مباح .
ثانياً الاختصاص القضائي بنظر واقعة التلوث ، وهل ينعقد لمحاكم دولة السلوك ( فعل التلويث ) أم محاكم دولة النتيجة ، أم للإثنين معاً ؟
ثالثاً القانون الواجب التطبيق علي واقعة التلويث ، هل هو قانون الدولة التي وقع علي إقليمها السلوك أم هو قانون الدولة التي تحققت علي إقليمها النتيجة الإجرامية في جريمة التلويث ؟.
٢- النطاق الزماني للنتيجة الإجرامية
قد تتراخي النتيجة فتتحقق في زمان مختلف عن زمان ارتكاب السلوك الإجرامي وهذا ما يعرف بالنطاق الزماني للنتيجة الإجرامية . وفي جرائم تلويث البيئة يعتبر تراخي النتيجة الإجرامية أمراً كثير الوقوع وذلك نظراً لتميز هذا النوع من الجرائم بذاتية خاصة ، بما ينطوي عليه من ضرر بيئي لا يتضح تأثيره إلا في بعد فترة كمون قد تتراخي عشرات السنين .
ومن المعلوم أن الأضرار البيئية منها أضرار مباشرة يمكن التعرف إليها وإدراكها بشكل حال ، حيث تظهر عقب فعل التلويث مباشرة أو بعده بفترة زمنية وجيزة ، ومن هذه الأضرار غير المباشرة وهي التي لا تظهر عادة إلا بعد مدد طويلة ، وهذه الجرائم تبرز بجلاء في حالات التلوث التي تتحقق بنسب منخفضة وبصورة متكررة وتدريجية كتسرب مخلفات أحد المصانع في مجاري أحد الأنهار بشكل يومي وبنسب بسيطة وغير مرئية ، بحيث تؤدي بعد مدة إلي تلويث المجري المائي [27].
ولئن كانت الجرائم تنقسم من حيث زمن تحقق عناصرها إلي جرائم وقتية ومستمرة ، والأولي هي تلك التي لا يستغرق تحقق عناصرها غير برهة يسيرة ، أما الأخيرة هي التي يمتد تحقق عناصرها لوقت طويل نسبياً [28] . فإن لهذا التقسيم أهمية ، تتمثل في اختلاف الأحكام التي تخضع لها الجرائم الوقتية عن تلك التي تخضع لها الجرائم المستمرة ، أهمها التقادم ، والاختصاص الإقليمي ، وقوة الشيئ المحكوم به .
التقادم
يبدأ التقادم لسريان المدة المسقطة في الجرائم الوقتية من وقت ارتكاب الجريمة ، بينما يبدأ في الجرائم المستمرة من وقت انتهــــاء حالة الاستمرار .
الاختصاص
من حيث الاختصاص الإقليمي فيتحدد اختصاص المحكمة بنظر الدعوي وفق المكان الذي تمت فيه الجريمة الوقتية ، بينما ينعقد نظرها لجميع المحاكم التي قامت في دائرتها حالة الاستمرار في الجرائم المستمرة .
قوة الشيء المحكوم فيه
أما بالنســبة لقوة الشيئ المحكوم به ، فلا يحوز الحكم في الجريمة الوقتية قوة الشيئ المحكوم فيه إلا بالنسبة للواقعة التي تمت بشأنها المحاكمة ، فالحكم الصادر في الجريمة الوقتية لا يمنع من إعادة المحاكمة عن واقعة أخري من ذات النوع ، وذلك لاستقلال كل منها عن الأخري .
ما بالنسبة للجرائم المستمرة ، فإن قوة الشيئ المقضي يــــــحوز جميع الوقائع التي اشتملتها حالة الاستمرار قبل رفع الدعوي [29] .
وهذا - في رأينا - هو ما دعا المشرع المصري إلي التعامل مع جريمة الأصل فيها أنها مستمرة نظراً لكونها في طبيعتها قابلة للاستمرار ، علي أنها مجموعة متكررة من الجرائم ، وأكد علي الطبيعة الوقتية لتلك الجرائم فتعامل معها علي أنها منفصلة عن بعضها البعض تحقيقاً لحماية بيئية أفضل علي نحو ما جري عليه في قانون البيئة الموحـد رقم 4 لسـنة 1994 عندما نـص في المادة (69) من هذا القانون علي أن
" يحظر علي جميع المنشآت بما في ذلك المحال العامة والمنشآت التجارية والصناعية والسياحية والخدمية تصريف أو إلقاء أية مواد أو نفايات أو سوائل غير معالجة من شأنها إحداث تلوث في الشواطئ المصرية أو المياه المتاخمة لها سواء تم ذلك بطريقة إرادية أو غير إرادية مباشرة أو غير مباشرة ، ويعتبر كل يوم من استمرار التصريف المحظور مخالفة منفصلة ".
وبناء عليه لم يعتبر المشرع المصري جريمة تلويث المياه عن طريق التصريف المستمر لمواد أو نفايات فيها جريمة مستمرة ، رغــم أن فعل التصــريف قابل بطبيعـــته للاســتمرار في الزمن ، طالما شاء له الجاني أن يستمر ، وإنما نظر إلي واقعة التصريف بشكل مجزأ ، واعتبر كل يوم من أيام التصريف يشكل جريمة وقتية قائمة بذاتها ، بحيث يعاقب عنها الفاعل منفصلة عن غيرها من جرائم التصريف الأخري المرتكبة في الأيام السابقة أو التالية لها ، والتي هي عادة تستغرق فترة زمنية طويلة [30].
أما من حيث الجرائم المستمرة ، فهناك من الجرائم ما يحتمل بطبيعته الاستمرار ، والعبرة في تقدير الاستمرار الذي توصف به الجريمة بالحالة التي يتكون منها النشاط الإجرامي وقدرته علي الاستمرار بعد تمام الجريمة دون النظر لما قد ينشأ عن العمل المادي المكون للجريمة من حالة تحتمل الاستمرار زمناً ما ، ومن أمثلة ذلك جريمة حيازة مواد نووية بدون ترخيص ، والمنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم (59) لسنة 1960 في شأن تنظيم استعمال الإشعاعات المؤينة والوقاية من أخطارها ، حيث تستمر الجريمة طوال حيازة الجاني للمواد النووية بدون ترخيص لاستمرار المساس بالمصلحة موضوع الحماية طيلة الوقت الذي تدخلت فيه إرادة الجاني بصورة متجددة ومستمرة ، بما يسمح باعتبار الجريمة من جرائم تلويث البيئة المستمرة [31].
المطلب الثالث
صلة السببية
ويقصد بها تلك الرابطة التي تصل بين سلوك الجاني وبين النتيجة الإجرامية وتفيد اسنادها إليه ، وهي بهذا النحو تعد عنصراً جوهرياً في الركن المادي لجميع الجرائم التي يتطلب القانون لقيامها تحقق نتيجة إجرامية مفهومة علي أنها واقعة متميزة عن سلوك الجاني كما هو الوضع في الجرائم الإيجابية ، واعتبار علاقة السببية عنصراً في الركن المادي لهذه الجريمة مؤداه بالضرورة أنه حيث تنتفي هذه العلاقة لا يمكن مساءلة الجاني عن جريمة تامة ، وإنما تقف مسئوليته عند حد الشروع إذا توافر لديه القصدالجنائي ، ولا تلحقه مسئولية علي الإطلاق عند تخلف هذا القصد [32] .
وعلاقة السببية ليست فكرة قانونية خالصة ، وإنما يتسع نطاقها لفروع العلم كافة ، فكل علم يجتهد في تحديد صلات السببية بين الظواهر التي يدرسها [33].
والسلوك الإجرامي في جرائم تلويث البيئة يرتبط بنتيجة محظورة تسبب إخلالاً أو تغييراً في البيئة أو الوسط الطبيعي ( مائي ، هوائي ، غذائي )، ويترتب الخطر أو الضرر كنتيجة من مسببات السلوك الإنساني وبما يحــــدثه هذا الســــبب من اختلال في التوازن الفطري الطبيـــعي أو النوعي بين مختلف عناصــــر ومكونات البيئة ، وإذا كان الركن المادي للجرائم الماسة بالبيئة يتكون من أفعال تطال أيا من عناصرها أو أكثر بالتلويث ، فإنه يشترط للقول باكتمال هذا الركن لعناصره أن تنسب هذه النتيجة إلي ذلك النشاط المادي الصادرعن فاعله ، بمعني أن يكون بين النتيجة والنشاط المادي صلة سببية [34].
والأصل أن الضرر الواقع ينسب إلي الفاعل كلما أمكن لإنسان عادي في مثل ظروف الفاعل أن يحيط بالعوامل السابقة علي فعله أو المعاصرة إياه وأن يتوقع العوامل اللاحقة له . فيعد الفاعل سبباً للضرر ولو كان يجهل هذه العوامل أو كان يتوقع اللاحقة منها متي كان في وسع شخص عادي أن يعلمها أو يتوقع هذه الأخيرة [35].
ولا يثير بحث علاقة السببية صعوبة ما إذا كان سلوك الجانى هو العامل الوحيد الذى أدى إلى النتيجة ، وهو ما يفترض كفايته لإحداثها ، وتوصف السببية المباشرة Causalite directe ، غير أنه كثيراً ما يحدث ألا يكون سلوك الجانى سبباً مباشراً فى حدوث النتيجة ، ويتحقق ذلك إذا كان هذا السلوك غير كاف بمفرده لاحداثها ولكنه يؤدى إليها بسبب تدخل عوامل أخرى مستقلة عنه وتضافرها معه بحيث يمكن القطع بأنه لولا تدخل هذه العوامل ماحدثت النتيجة [36].
وجوهر فكرة السببية تحديد معيار الصلة التى تربط بين واقعتين ، فتجعل من السائغ القول بأن أحدهما سبب للأخرى ، وهذا التحديد كل خلاف فى الفقه .
منهم من قال بنظرية السبب المباشر ومضمونها ألا يسأل الفاعل عن النتيجة إلا إذا كان نشاطه هو السبب المباشر لها كما قدمنا .
ومنهم من قال بالمساواة بين جميع العوامل التى ساهمت فى إحداث النتيجة فكل منها تقوم بينه وبين النتيجة علاقة سببية ، وتطبيق ذلك على القانون – فى نظرهم – يقتضى القول بأن علاقة السببية تقوم بين فعل الجانى والنتيجة الإجرامية إذا ثبت أنه عامل ساهم فى إحداثها ولو كان نصيبه فى المساهمة محدوداً ، وشاركت معه فى ذلك عوامل تفوقه فى الأهمية على نحو ملحوظ وهو ما يسمى بنظرية تعادل الأسباب L'equivalence des conditions [37].
ومنهم من ذهب إلى التفرقة بين عوامل النتيجة الإجرامية والاعتداد ببعضها دون البعض الآخر ، ومؤداها أنه لا يكفى إعتبار سلوك ما سبباً فى النتيجة أن يكون قد ساهم فيها بنصيب ما على نحو ما تذهب إليه نظرية تعادل الأسباب ، وإنما يلزم فضلاً عن ذلك أن يكون هذا السلوك مما يؤدى إلى النتيجة وفقاً للمجرى العادى للأمور فتعد علاقة السببية متوافرة بسببين السلوك والنتيجة ولو ساهمت معه فى إحداثها عوامل أخرى سابقة عليه أو متعاصرة معه أو لاحقة له ما دامت هذه العوامل مألوفة ومتوقعة طبقاً لما يحدث فى الحياة عادة ، أما حيث يتضافر مع سلوك الجانى فى إحداث النتيجة عامل شاذ غير مألوف فأنه ينفى علاقة الســـــببية بينها وبين ســــلوك الجانى الذى لا يمــــكن تبعــــاً أن تقتصــــر فى مســـئوليته حد الشــــروع فى الجريمة على فـــــرض توافر القصــــد الجنائى لديه ، وهـــــذا ما يسمى ( بنظرية السبب الملائم ) La cause adequate [38].
ومنهم من قال بضرورة التمييز بين الجرائم العمدية وغير العمدية ، وإستلزام علاقة السببية المباشرة فى النوع الأول والاكتفاء بالسببية غير المباشرة فى النوع الثانى [39].
والراجح فى رأينا القول بأن معيار السببية هو الإعتداد بالسبب الذى لولاه ما تحققت النتيجة فهناك من العوامل ما قد يتدخل زمنياً فى التسلسل السببى فى إحداثها ، بيد أنه لا يكون له ثمة أثر فعال فى إحداثها ، فكيف يمكن اعتباره سبباً لوقوعها ، وهو مجرد حادث تزامن معها فقط ولم يكن له أى دخل فى إحداثها .
[1] د .عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات ،القسم العام ، 1990-1991، دار النهضة العربية ص 151 وما بعدها .
وأنظر كذلك د.سليمان عبد المنعم ، النظرية العامة لقانون العقوبات ، ص469 .
[2] د. جلال ثروت ، نظرية الجريمة المتعدية القصد في القانون المصري والمقارن ، دار الجامعة الجديدة للنشر 2003 ص41 .
[3] د. سليمان عبد المنعم ، النظرية العامة لقانون العقوبات، ص472 .
[4] د.محمد مؤنس محب الدين ، البيئة في القانون الجنائي ، ص 222 .
[5] د.محمد مؤنس محب الدين ،المرجع السابق ذات الموضع .
[6] د.سليمان عبد المنعم ، النظرية العامة لقانون العقوبات ، ص 473 .
[7] د. محمد مؤنس محب الدين ، البيئة في القانون الجنائي ، ص224-225 .
[8] د. فرج صالح الهريش ، جرائم تلويث البيئة ، ص224 .
[9] . د. فرج صالح الهريش ، المرجع السابق ذات الموضع .
[10] د .عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات ،القسم العام ، ص1 .
[11] د.محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات القسم العام ، الطبعة السادسة 1989 ، ص276 .
و من ذلك النوع من الجرائم ما ينص عليه المادتان (62 & 63) من قانون العقوبات الفرنسي من جريمة الامتناع عن التبليغ عن جريمة والامتناع عن تقديم العون الي شخص في خطر والامتناع عن تقديم الشهادة لصالح شخص بريء.
[12] أنطر في آراء الفقه ، د. جلال ثروت ، نظم القسم الخاص ، الجزء الأول ، جرائم الاعتداء علي الأشخاص ، الدار الجامعية للطباعة والنشر 1984، ص71 ، رقم 45 ، الامتناع في القتل .
[13] د. فرج صالح الهريش ، جرائم تلويث البيئة ، ص224.
[14] وهذا يعني ان الشارع يرصد في المادة 33 جريمة من جرائم الامتناع حيث تتضمن تلك المادة الأمر بإتيان أفعال يري الشارع ضرورة القيام بها لحماية للبيئة من التلوث ويضرب العقاب علي مخالفة هذا الأمر بالامتناع عن القيام بتلك الأفعال .
[15] د. نور الدين هنداوي ، الحماية الجنائية للبيئة ، ص90 .
[16] د. عصام أحمد محمد ، الحماية الجنائية للحق في سلامة الجسم في القانون المصري ، ص26 .
[17] د.محمود نجيب حسني ، قانون العقوبات ، القسم العام ، ص280.
[18] د. عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، مرجع سابق ، ص162.
[19] د. محمد مؤنس محب الدين ، البيئة والقانون الجنائي ، مرجع سابق ، ص195 .
[20] د. عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات القسم العام ، ص162 .
[21] د.رمسيس بهنام ، النظرية العامة للقانون الجنائي، ص492.
[22] د.فرج صالح الهريش ، جرائم تلويث البيئة ، ص244.
[23] د.رمسيس بهنام ، النظرية العامة للقانون الجنائي ، ص498.
[24] د. محمد مؤنس نحب الدين ، البيئة في القانون الجنائي ، ص205 .
[25] د. صلاح هاشم ، المسئولية الدولية عن المساس بالبيئة البحرية ، ص 242 .
[26] د. فرج صالح الهريش ، جرائم تلويث البيئة ، ص253.
[27] د. فرج صالح الهريش ، المرجع السابق ، ص272.
[28] د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، ص326 .
[29] أنظر في تفصيل ذلك بتوسع ، د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات ، المرجع سابق ، ذات الموضع ، وأنظر أيضاً في شأن تطبيق ما سلف علي جرائم تلويث البيئة ، د. ميرفت محمد البارودي ، المسئولية الجنائية للاستخدامات السلمية للطاقة النووية ، ص317.
[30] د. فرج صالح الهريش ، جرائم تلويث البيئة ، ص276 .
[31] د. ميرفت محمد البارودي ، المسئولية الجنائية للاستخدامات السلمية للطاقة النووية ، 315 .
[32] د. عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات ،ص 170 .
[33] د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، ص286 .
[34] . محمد مؤنس محب الدين ، البيئة في القانون الجنائي ، ص78 .
[35] د. رمسيس بهنام ، النظرية العامة للقانون الجنائي ، ص564.
[36] Naguib Hosni : le lien de causalite en Droit penal ) paris . 1952 , imp.umiversite de caire 1955 .
مشار إليه في ، د. عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، ص 171 .
وأنظر أيضاً د. رمزى رياض عوض ، نظرية النتيجة المتجاوزة القصد ، دراسة مقارنة ، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق جامعة القاهرة ص 69 .
[37] د. محمود نجيب حسنى ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ، ص 289 وهو يشير إلى
Guter Spendel : Die Kausalitatsffrmel der Bedingungsthearie fur Handlumgs deliket ( 1948 ) s.2
[38] د. عمر السعيد رمضان ، شرح قانون العقوبات ، القسم العام ،173.
[39] أنظر فى ذلك ، د. عمر السعيد رمضان ، المرجع السابق، 172
mulham jarjnazei- Posts : 48
Join date : 2011-04-19
Similar topics
» بحث عن تلوث البيئة
» البيئة والصحة
» مشاكل البيئة
» الإسلام وحماية البيئة
» البيئة لنا ولأجيالنا القادمة
» البيئة والصحة
» مشاكل البيئة
» الإسلام وحماية البيئة
» البيئة لنا ولأجيالنا القادمة
Page 1 of 1
Permissions in this forum:
You cannot reply to topics in this forum